Saturday 30 March 2013

اليويو السوبركهرومغناطيسية

اليويو السوبركهرومغناطيسية


في الحلقة الأولى من المسلسل الكرتوني الياباني "خماسي" (أو combattler v ) الذي نشأنا عليه، يتحد خمسة من أفضل مقاتلي الأرض في مركباتهم لبناء الرجل الألي "خماسي" الذي هو الملاذ الوحيد للتصدي للغزاة. ومن دون هذا الاتحاد، لا أمل لأن يعم السلام على كوكب الأرض، فيبدو أن الغزاه لن يهدأوا إلا بعد الاستيلاء على مصادر الطاقة بعد أن أخذت بالنفاذ من على كوكبهم!. ولكن حتى يتم الاتحاد "الكهرومغناطيسي" بنجاح فإنه يجب في  البداية أن تتحد القلوب،  أو كما قال البروفسور "نانبارة": "عندما تتجمع قلوبكم تصبحون شخصاً واحداً"، وعندها فقط يستشعر جهاز التحكم الإشارة الكهرومغنطيسية التي تعطي الأمر بالاتحاد. ولعل هذا الدرس الذي تعلمه جيلنا منذ الصغر هو بيت القصيد.


تكمن قوة الدول العربية في توحدها معا، فتوزع الموارد الطبيعية و النفطية و البشرية و الثقافية من شرق الوطن الى غربه علامة على اهمية هذه الوحدة. والمضحك المبكي ان هذا الأمر يعلمه و عمل عليه أعداؤنا منذ زمن. فالخليج العربي  يملك اكبر مخزون للطاقة النفطية في العالم كما يقع في مكان جغرافي يعتبر من أفضل الأماكن في العالم لحصد الطاقة الشمسية المتجددة،  ولكنه فقير في الماء و التربة الخصبة. و الدول الافريقية العربية لديها  اكبر مخزون مياه جوفية عذبة صالحة للشرب يقع في ما يعرف بالحوض النوبي المهمل الذي يقع بين شمال السودان، جنوبي مصرو ليبيا، و تشاد. وتكفي هذه المياه للشرب في مصر وحدها –على سبيل المثال- 100 عام. و هذه المياه متجددة. كما كانت تعد السودان – قبل التقسيم- سلة غذاء الوطن العربي لقدرتها على امداد الوطن كله بالمواد الزراعية، لما تحتويه من أراض زراعية خصبة بالاضافة لأراضي الدلتا في مصر و نهر النيل العظيم. وما ينقصنا الا أن نستثمر أموالنا في مشاريع تسخر هذه الموارد. ويحتوي المغرب العربي على تراث ثقافي عريق بدأ عندما أنشئت جامعة القرويين في المغرب و هي أقدم جامعة في العالم بأسره مازالت تعمل، و علينا احياء هذا التراث قبل أن يدفن تحت غبار الاستعمار الثقافي الغربي الذي أخذ يلوث مثقفينا. و في بلاد الشام توجد الخبرات و الادمغة، و يوجد الهلال الخصيب الذي يحتوى هو الاخر ثروة مائية و أراض خصبة شكلت مهدا للحضارات منذ نشوء أول مدينة في أريحا (فلسطين) و من ثم في لبنان و سوريا و العراق كما تشير معظم الدراسات. الا أن الوسط دون الحماية من جناحي الشرق و الغرب يبقى لقمة سائغة للغزاة، فيبقى هذا المكان ساحة لنزاعات قوى الشرق مع قوى الغرب فلا ينعم بالاستقرار وسيادة الرأي. وهذا تماما ما يراد وما يحدث له.

ورغم أن الشعوب العربية نشأت على قصة الثور الأسود الذي أُكل عندما أكل أخوه، ورغم أن ما يجمعنا أكثر بكثير مما يفرقنا، الا أن قطعةٍ جلديةٍ رخيصةٍ وقليلا من الهواء كاف لأن ينسي هذه الشعوبَ التاريخ والمعاناة التي عاشتها معاً، ولتظهر الأحقاد الدفينه والعصبية العنيدة في داخلها، طبعا مع لمسة من حماقة اعلامية تحريضية. تماما كما حدث بين مصر والجزائر، الامر الذي كاد ان يتطور الى أزمةٍ سياسيةٍ واقتصاديه بسبب كرة منفوخة! او كما تشعل نار الفتنة كلما لعبت الأندية في الاردن. ولهذا فانا اخشى ان الشعوب نفسها التي تطالب بالوحدة قد لا تكون هي نفسها مستعدة لتقبل العربي الاخر. فمثلا كيف ينظر العربي في الشرق الغني الى العربي في بلاد الشام او افريقيا؟ ولماذ ا توجد هذه النظرة المتعالية؟ و لماذا يتم تفضيل الموظف الغربي في دول الخليج العربي على العربي صاحب الكفاءة ؟ ولماذا يعامل العربي المغترب في بعض دول الخليج في كثير من الأوقات على أنه قاصر لايستطيع السفر أو حتى تملك سيارة إلا بإذن كفيله الذي يستغله وقد يستعبده؟ ولماذا في المقابل يصور الشاب العربي الخليجي على انه دائما ليس بالكفاءة الثقافية المساوية لأقرنائه في بلاد الشام و افريقيا؟ وبدلا من محاولة تضييق الفجوة الثقافية بإبراز الشباب الخليجي المبدع في الاعلام العربي يهمل هذا الجانب وتهمش صوت المرأة الخليجية التي تظهر الاحصاءات انها تسبق  الرجال في مستوى التعليم الجامعي(1). واذا جاءت العمالة الوافدة العربية الافريقية الى بلاد الشام، فانها لا تعامل معاملة المثل، بل دون المثل و ينسى عرب الشرق و الوسط و الغرب انهم جميعا قد نبتوا من نفس المكان، من الجزيرة العربية، و تحديدا من اليمن السعيد(2).

اذا عندما تتحد القلوب ترسل الاشارة "الكهرومغناطيسية" لبدء العمل على التوحد الحقيقي سعيا لازالة الخطوط الوهمية التي رسمها "سايكس" و "بيكو" والتي يحتفل بها كل شعب عربي في عيد استقلال دولته. و المغيظ في الامر أن الدول العربية تحتل مكانا في لوائح أكثر البلاد فقرا، أكثرها قلة في التعليم، أكثرها تلوثا، و أكثرها شحا للموارد، الا أن الوطن العربي في الحقيقة يملك أغنى الموارد الطبيعية و الثقافية التي تتضاعف اذا ما تم جمعها معا.

 فماذا ننتظر اذن؟ ننتظر أن تسقط نظرة العصبية و النظرة المتعالية حتى يشعر العربي في أقصى الشرق العربي أنه و العربي في أقصى الغرب مواطنان في دولة واحدة.... حتى تتحد القلوب، ولن يحدث هذا الا عندما تتقارب الشعوب معا عبر مشاريع تنمي ثقافة الوحدة، ولعل البداية تكمن عند طلاب الجامعات داخل و خارج الوطن العربي، فهم القادة الجدد. عندها تسد الفجوات، فتقل خلافاتنا، فلا تختلف قلوبنا. 


_____________________________________خ.ع.ع


N. Al-Yousef, "The Status of women in the Arab Gulf Countries," German Parliment:(1): 1

(2): طقّوش,محمد سهيل (2009م - 1430هـ). تاريخ العرب قبل الإسلام. بيروت - لبنان: دار النفائس.ص30

2 comments:

  1. للاسف الفوارق بين الاشقاء العرب ايدولوجية اكثر منها جفرافية , وتعتمد على المادةو المصالح الاوحادية الجانب فقط فدول مجلس التعاون الخليجي تضم الإمارات والبحرين والسعودية وسلطنة عمان وقطر والكويت،وتستثني اليمن الذي يعاني المجاعات والعراق حيث يمتلك كل من العراق واليمن عضوية بعض لجان المجلس كالرياضية والصحية والثقافية. وللاسف هشي صار فكر شعوب مش بس حكومات واسال داود الشريان اللي متعصب من امصري او الاردن او اي عربي بيشتغل في السعودية وبعتقد هذا الاكتع انو بامكانو ان يستغني عن كل المغتربين في حين امريكا و اوربا واي دول من دول العالم الاول وحتى الثاني بحترم ادميك وبتشغل الناس ع اساس الكفائات حتى انك ممكن تتجنس في دولة اروبيا بس يمكن شبه مستحيل انك تتجنس باي دولة عربية حتى لو ...ما رح اتشعب اكثر من هيك بس من جد مقال رائع

    ReplyDelete
    Replies
    1. قد لا اتفق معك تماماً على أن الاختلاف ايدولوجي، ففي معظم الأحيان تعايش العرب مع بعضهم مع إختلاف الاديولوجية. بالطبع هذه مسألة حساسة و يضرب على هذا الوتر بين الحين والأخر، ولكن تبقى الأصوات العاقلة التي تجمع أكثر سماعاً. أخشى انني اتفق معك على أن هذه العقلية أصبحت عقليات شعوب، ولذلك أردت أن اكتب هذا المقال، ولكن هناك دائماً نزعة لتحقيق وحدة عربية تكاد تراها في معظم الشباب العربي، خاصة في خارج الوطن العربي. وربما هنا يكمن التغيير. شكراً للتعليق.

      Delete